1921  -1917

:مرحلة التأسيس في زقاق البلاط

 شهد لبنان في السنوات 1914 و1917 أوضاعاً اقتصادية وسياسية واجتماعية وعسكرية بالغة الصعوبة فقد اجتاح سماءه الجراد فأكل الأخضر واليابس وقضى على خيرات الأرض، وازداد الأمر بلاءً مع اندلاع الحرب العالمية الأولى. استدعت هذه المحنة الإنسانية بعض السيدات الخيرات الى البحث عن حل يمكّنهن من تأمين مأوىً لحماية الأرامل والأمهات وأطفالهن من التشرد بعد أن رحل عنهن أزواجهن إلى جبهات الحرب، حيث سعين مع الوالي العثماني (عزمي بك) الذي استجاب لمطلبهن، فوفير مكان لإيواء الأمهات الأرامل والأبناء اليتامى في جناح تابع لثكنة عسكرية عثمانية في منطقة زقاق البلاط كمكان يؤمّن لهن فيه المسكن والمأكل والمشرب، مقابل أن يساعدن الجنود وتلاميذ المدرسة الحربية بالخياطة والغسيل والكيّ وكانت هذه الخطوة نواة تأسيس الميتم الإسلامي.

ولكن خلال أيام الانتداب صادرت جيوش الحلفاء عام 1921 أملاك الدولة العثمانية، ومنها الكلية الحربية وبيت الأرامل واليتامى، أدّى هذا الأمر إلى مضاعفة الكارثة الاجتماعية، وأوجب على وجهاء بيروت التفكير في مصير الأمهات والأطفال. فقرربعض أعيان بيروت استئجار مبنًى خاص في برج أبي حيدر، أطلقوا عليه اسم: " الميتم الإسلامي" عام 1922، الذي بدأ نشاطه بإسداء العون والمؤازرة للأمهات وأطفالهن. وبدأ "الميتم الإسلامي" نشاطه بإنشاء مشغل السجاد للأرامل، إلى جانب افتتاح اقسام خاصة باستقبال الأطفال والناشئة.

إلا أن سلطات الانتداب كانت كثيرة الحذر حيال هذا الميتم ولا تريد الاعتراف به، فأصدرت قراراً بوقف نشاطه بتاريخ 17 أيار سنة 1921م، على الرغم من محاولات حثيثة من القيمين على الميتم لإقناعهم بأنهم جهة مستقلة بعيدة كل البعد عن أي توجه سياسي. استمرت المواجهة مدة سبع سنوات تقريباً، إلى أن توصل المعنيون إلى استصدار مرسوم جمهوري من الحكومة اللبنانية حمل الرقم 5573، يقضي بالاعتراف بالميتم ونشاطه الإنساني بصورة رسمية، وسمَّتْ فيه "مجلس عمدة " للميتم عام 1929، وألغى المرسوم القرار الصادر عن سلطات الانتداب بتاريخ 17 أيار 1921م، القاضي بإلغاء عمل الميتم، وتم ذلك في عهد الرئيس شارل دباس  بناءً على اقتراح وزير الداخلية والصحة والإسعاف العام آنذاك الشيخ بشارة الخوري.

على الرغم من صدور المرسوم الجمهوري الذي اعتبر انتصاراً للعمل الإنساني، ظلت سلطات الانتداب حذرة حيال الميتم والقائمين عليه، وخصوصاً أنه نال تعاطف ومؤازرة المجتمع وبات مقصداً لأصحاب الحاجة من جهة، والخيرين من جهة أخرى، فسعت إلى استملاك العقار، بحجة الحاجة إلى إنشاء خزان مركزي للمياه في بيروت على العقار بالرغم من اتساع المساحات في منطقة برج أبي حيدر. 
 
بدأ النضال لتحقيق الأهداف تضمن مستقبل أمن المجتمع، واصبحت الحاجة تستدعي العمل على تأسيس منشأة لدار الايتام الاسلامية.
 
 
 
 
 1970- 1933
 
:بناء دار الايتام الاسلامية والتوسع المكاني ضمن بيروت 
 
وارتفع الصرح:
 
في أسفل التلة الرملية، بدأ العمل في بناء المقر الجديد لدار الأيتام الإسلامية واعلنت الحاجة الى توفير المال لذلك. فهب أهل بيروت ولبنان للتبرع بسخا 
لقد غطت تلك التبرعات تكاليف الإنشاءات، وإجراء إضافات على البناء المكون من مبنى مركزي على الطراز الحديث يتميز بالطابع الإسلامي جرى افتتاحه سنة 1933م، فضلًا عن قاعات المنامة والتعليم لليتامى واليتيمات، إلى جانب مبنى جانبي ضم قاعة كبرى حملت اسم {المنتدى} الذي أضحى مركزاً للنشاط الثقافي والأدبي والرياضي والكشفي والاجتماعي في
بيروت وبصورة خاصة منذ العام 1958م. 
 
الطريق الجديدة
بسبب  الأزقة الرملية الضيقة على التلة، والزواريب والممرات بين نباتات الصبير العريض المرتفعة، جرى شق طريق يربط بين دار الأيتام الإسلامية من جامع الحرش إلى الدار، وعرفت تلك المنطقة باسم "الطريق الجديدة "،
وبدأ الناس الحضور إلى دار الأيتام من هذه الطريق الجديدة. 
 
وارتفع الصرح وبنيت دار الأيتام الإسلامية بحمد الله وهمة المحسنين الأبرار، وبدأت مهامها وحافظت على دورها الذي نذرت نفسها له